| طيف ملاك .. | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: طيف ملاك .. الجمعة يونيو 12, 2009 6:12 am | |
| مقدمــــــة
الطيف ما يراه النائم وما يتشبه له في اليقظة من صور ، والملاك جسم لطيف نورانـي يتشكل بأشكال مختلفة ، أمـا الروح فهي حياة النفس ، وهي الراحة والسعادة والفرح . جميلةٌ تلك المعانــي منفردة ، وستزداد جمالاً عندما تتلاقى ، أُعني تلاقي الروح بطيف ذلك الملاك ، لتزداد الراحة والسعادة برؤيــــة ذاك الطيف الذي يشع نوراً ، يضيء ظلمــة الليل ، ويزيل سوداوية الهموم والأحزان .
نعم كثيرون يعيشون في النور ، لكنهم يرونه بأعينهم فقط ، وقليلون هم من وصلت أشعة الشمس إلى قلوبهم وأذاقتها شيء من دفئها . كما هم كثيرون ممن ليلهم حالكٌ مظلم ، يُسلِمون فيه أنفسهم فقط للنوم ، وقليلون من يونِس ظلمـــــة ليلهم نجمٌ يرسل ضياؤه ليُبقي عيونهم ساهرة . فمن يقبل أن يكون متجمد المشاعر صباحاً ، أنيسه الظلمة الحالكـــــة ليلاً ؟
جميلةٌ تلك المشاعر التي تتخطى المكان ، تسافـر على متنها الروح لتبحث عن السعادة ، التي ربــما لـم تجدها فيما حولها ، لا تمنعها صحاري وبحـــــور ، ولا تسجنها أسلاك وحدود . فسعادتنا هي كيف نرى ما حولنا ونتعامل معه ، هي السلم النفسي المزروع في أعماقنا ، بعيداً عن التوتر والعصبية ، هي انطلاقنا من ذاتنا ومصالحنا من أجل فكرة أو هدف سامي ، لنسبغ معنى على حياتنا تلك .
أما مرهفو الإحساس فهم أكثر مـــــا يكونون بعيدين عنها ــ أي السعادة ــ فتكون لديهم مجرد مشاعر مؤقتة ، لذا تجدهم يبحثون دوماً عن الأفضل ، ولا يقنعون بما هو قائم وموجود ، فتتولد لديهم مشاعر وأخيلة ، فيعبرون عنها بغض النظر عن المكان أو الزمان ، فهي مشاعر تتعدى حدود الجسد ، تتنقل مـع الروح فــــــي رحلـة تلاقـي الأرواح . وصديقي ــ الذي سأحدثكم عنه ــ يبدو أنه كان مرهف الإحساس ، فحجز لـه مقعداً متقدماً فـي رحلة تلاقي الأرواح ..
يتبع ..
عدل سابقا من قبل طارق هاشم في السبت يونيو 20, 2009 8:52 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
سيوان قلم برونزي
عدد المساهمات : 183 الموقع : دمشق
| موضوع: رد: طيف ملاك .. السبت يونيو 13, 2009 10:49 am | |
| " جميلةٌ تلك المعانــي منفردة ، وستزداد جمالاً عندما تتلاقى ، أُعني تلاقي الروح بطيف ذلك الملاك ، لتزداد الراحة والسعادة برؤيــــة " كلام جميل وأسلوب جديد في الكتابة في وصف حرية تحركات الروح اللي هيي الجوهر وأصل كل شيء فينا من مشاعر وكلام وتخيلات ... الخ
بانتظار التتمة بالتوفيق | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: غيض من حياة .. الأحد يونيو 14, 2009 5:18 am | |
| غيض من حياة
صديقي كان يخط بيده أول حروف له في فصل حياته الثالث ، وهو يسترق النظر إلى صفحات فصليّ حياته السابقين ، يستعيد بعض من العناوين ، ويتجنب بعض من التراكيب والألفاظ ، يتعلم من أخطاؤه السابقة ليخط له عبارات جديدة ، خاليةً من ما شابَ بعضها فيما سلف مـن ضعف في التراكيب ، أو نقص في جزالة الألفاظ . فالحياة في نظر صديقي كالكتاب ، البعض صفحاتهم فيه بيضاء لم يتركوا عليها أثر لريشةٍ أو لقلم ، والبعض الآخر يخطون على تلك الصفحة بعفوية وبشتى الألوان مــــا يشاؤون ، وفي كتاب الحياة تبقى الصفحات البيضاء بلا أرقام ، وفاصل بين فصــــول وأبواب ، ومن منا يرضى أن يكـــــون شيءٌ عابر بين أحداث ووقائع ؟ صديقي كغيره من أقرانه ، يعيش في كنف عائلته في بيت متواضع ، في أحد أحياء إحدى العواصم العربية ، التي لجأ إليها شعب الخيام منذ ما يقارب الستين عاماً ، تفتحت عينيه في الشتات على جرح شعبه ، ذاك الجرح الذي إن نال من ملامح الجسد ، فإنه لمن ينل من تلك القلوب التي مازالت تحمل الحب بين طياتها ، الحب بكل أشكاله إن كان موجهاً لشخص أو لفكرة أو لموضوع ، فيختلط الحب مع الجرح في شاعرية يندر أن تجدها لدى الآخرين . لذا تراه ـــ أي صديقي ـــ يركز نظره دائماً على النصف المملوء من كأس الماء ، مع عدم إغفاله للنصف الآخر الفارغ ، ليرى الجانب الأجمل والأفضل في كل ما حوله ، وفي نفس الوقت يحاول الإبتعاد عن الجانب السلبي ويتحاشاه . وكالتربة الخصبة التي تتقبل كل أنواع البذور والغراس ، كانت طفولته تترواح بين كنف عائلته والعالم الخارجي ، فتنوعت الغراس في ذلك الحقل الصغير ، منها الصالح ومنها الطالح ، منها النافع ومنها الضار ، منها الجميل المثمر ومنها للزينة بلا زهر ولا ثمر ، تنوعٌ أغنى فكره وعقله ، وفتح عيونه على شتى مناحي الحياة ، فشب كالبحر تتدافع أمواجه نحو الشاطئ لاكتشاف كل ما يحيط من حوله ، وتتراجع مع مدٍ تاركةً بعضاً مما احتوى فـي أعماقه ، لتترك شاهد عيان بأنه قد مــــر من هناك . في بداية العشرينيات من عمره وجد الحب طريقاً إليه ، لتتسرب تراتيل الحب ونغماته الرقيقة إلى قلبه ، هي كانت كزهرة الزيزفون ذات اللون الأبيض ، ممشوقـــة القوام ، صوتها يتردد كنسمات ندية ، أخلجت روحه قبل قلبه ، ليصبح عاشق سدم ، أسقمه الحب وأضناه ، فمالت نفسه إلى حيث تميل تلك الزهرة ، وبانت فـي عينيه تباشير الحنان والعطف ، وشع في وجههِ نور السلام ، لكنها لم تترجم مشاعرها إلى سلوك ، كأن الحب مجرد إدعاء ، والظاهر يختلف عن الباطن ، لتطغى أنانيتها على كل شيء ، فالزيزفون يزهر ولا يثمر ، كمن يَعِدُّ ولا ينجز . وإن عدتُ وسألتُ صديقي ، كان يعاجلني بالقول : " بادي الشيء أجملهُ ، وأطهرهُ ، وأصدقهُ ، إن القدر لـم يشأ أن تتدنس تلك البداية الصافية النقيـة الطاهـــرة بخطايا الإنسان ، وعيـوب الحياة ، ونوائب الدهر " . لله دره حتى بعد التضحية والإيثار والعطاء الذي لم ينل منها سوى الحزن والأسى والآه ، مازال يلتمس لها الأعذار .. نُقلِبُ صفحات الحياة ، لنتخطى فصلاً شاء صديقي أن يبقيه مغلقاً ، فقد أقفل عليه بقيدٍ ، ورمى بمفتاحه في أعماق البحر ، ليبقى شاهداً على فراقٍ بعد عذاب ، ويضيف إلى جرح شعبه جرحاً شخصياً آخر ، لتزيد تلك الشاعرية النادرة برغم ما كان ، وتتفتح زهور الأمل والتفاؤل في ربيع جديد من العمر ، وتنشر أريجها وعبقها في كل مكان ، وتوقد شعلة التمرد والإقدام على الحياة ، ليقضي ما بقي له من عشرينيات العمر في إرساء قواعده في حياته العملية ، حيث أصاب منها النجاح الذي ربما افتقده فـي نواحي أخرى . لكن قدر الحب أمهَلهُ ولم يُهمله ، فكان له نصيبٌ منه ، ولكن بحب من نوعٍ آخر ..
يتبع .. | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: تلاقي الأرواح .. الإثنين يونيو 15, 2009 4:59 am | |
| تلاقي الأرواح
يقـول صديقي وأنا أنقل الكلام على لسانه كما هــو : " لا مكان للصدفة في تلاقي الأرواح ، فـَ لروح كل منا روحٌ مماثلة ، تقابلها في الميول ، تشابهها في التفكير ، تنازعها فـي الرغبات ، تتجاذب معها الأحـلام ، تكمل كل منهمـــــا الأخرى . لذا حين يسدل المساء رداؤه الأسود ، تتحرر تلك الروح من جسدها ، لتهيم في فضاء الكون ، باحثةً متحريةً مماثلتها ، بغض النظر عن الجنسيات واللهجات ، وبغض النظر عن الأديان والمعتقدات . وأنا روحي قد اعتادت كل مساء على ذلك ، حتى وجدت ضالتها ، فأين الصدفة في تلاقي الأرواح ؟ " .
نعم روحُ صديقي وجدت أخيراً ضالتها ، ففي أول لقاء معها أحس أنه يعرفها منذ سنين خلت ، كأنه يرى ويسمع شيئاً كان شاهده وسمعه مـن قبل ، حديثهما يأخذ منحنى العفويــة والصراحة ، بعيداً عن التكلف والتصنع ، لا يريد أن يخبأ عنها شيئاً . فيطرح كل منهما على الآخر كل أفكاره ومعتقداته ، وكل مشاكله وهمومه ، كما يطرحها بينه وبين نفسه بدون قيود ، بعيداً عن التلميحات وما يخفى بين السطور ، فيجد عند الطرف الآخر شفاء علته ، ويدٌ تمتد لمساعدته ، وعونٌ له في محنته .
كان كل لقاء يترك أثره في نفس صديقي ، فيزيد يقينه بأنها غير كل من عرفهن من قبل ، وبأن هناك شيءٌ أقوى من إرادته ينسخ خيوطه بين روحه وروحها ، كأنهما شعلتان تنيران من نفس السراج ، أو جناحي طير يحلقان به إلى فوق السحاب ، يقول صديقي : " عندما تشعر بأنك تُحدث نفسك ، و ترى في مرآة ذاتك ، وتجد أن ما يصل سمعك ، هو ما يدور في وجدانك .. تأكد بأنك قد وصلت في رحلة تلاقي الأرواح إلى النهاية " .
تتزايد اللقاءات ، وكل يــــــوم تزداد تلك الخيوط متانـة ، وتتقارب الأرواح بعد تلاقيها ، وتتشعب الحياة كأغصان الشجر ، وتأتي فصول السنة بتقلباتها : ربيعٌ يُجدد العمر ، وصيفٌ يُدفء القلب ، وخريفٌ يُسقط ما علق بالروح من خطايا ، وشتاءٌ يُروي العطش للحياة . يقول صديقي : " كانت حروفها وكلامها كالمطر النقي ، تتساقط حباتــه تباعاً ، لتروي جسدي النديّ ، وتزيل مــــــن الهموم قناعاً " .
كانت تنهدات صديقي تتخطى المكان والزمان ، أثارت كثير من الأسئلة في خلده ، وطرحت أمام ناظريه أفكار عديدة ، فَـ روحه قد قبلت التحدي ، وأضاءت في درب الأرواح الشموع ، ليعز عليه فراق روح تلك الفتاة وإعلان الوداع ، ففي نهاية كل لقاء كانت تعود روحه إلى جسده ، تقبع في أحد زواياه ، تنتظر وقت اللقاء القادم لتتحرر من جديد .
يتبع | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: صوت وجاذبية .. الثلاثاء يونيو 16, 2009 7:02 am | |
| صوت وجاذبية
سألت صديقي أن يحدثني عن أول مرة سمع فيها صوتها ، فقال : " في أول مرة كان الصمت يتربع على عرشه ... " ، ثم ابتسم وتابع كلامه : " لكننا مع مرور الوقت أبينا إلا أن نزيح الصمت عن عرشه ، وننصب أنفسنا ملكاً وملكة على عالمنا ، فكلام الأرواح لا يقف عند لهجة أو لكنة .. " . لم أكن أعي معنى ابتسامته التي قطعت كلامـــــه ، لكني الآن اكتشفـــــــــت سرهـــــا ، فبادرتـه بالسؤال : " وكيف صبرت على هذا الصمت الطويل ؟ " فعاد وابتسم لي من جديد وقال : " إن كان الصمت قد بسط نفوذه وسطوته ذاك المساء ، فقد تلاقت أرواحنا بعيداً عن أعين حراسه وأعوانه " .
يقول صديقي أنه عندما يهديه هاتفه صوتها ، يشعر بتسرب إحساساً بالفرح يصيب قلبه ، فيجد نفسه مثل الشجر عندما يبتهج بقدوم المطر ، وكما هي العصافير عندما تفرح بمساحة الفضاء . يتبادلان الأحاديث وتفاصيل اليوم وأحداثه ، ومع مرور الوقت يرى روحه تفتقد جاذبيتها نحو الأرض ، فتطير في الفضاء بعيداً نحــــو جاذبية صوتها ، ورهافـــة حسها ، وتفتح عقلها ، وسعة ثقافتها ، ولباقة حديثها .
كانت الهدوء والسكينة دائماً ترافق مجالسته لصوتها ، فيقع لها تأثير خاص عليه ، وتجعلها أقرب إليه ، إشعاعها يتألق تـــــــارةً ، ويخبــــو تارةً أخرى . يقول صديقي : " إن ضحكت أحسست بأنها ضحكت لي وحدي ، فاسترق النظر إلى السماء ، فأراها قد إزدادت زرقةً ، وتكشف سحابة رقيقة عن وجه الشمس ، للتتوهج وتزداد خجلاً ، فيزداد دفئها حتى يغمر القلوب " .
كلماتها تتخطى حاسة سمعه ، ترتعش لها يداه ، فتتسلل إلـى خلايا جسده ، وتبعث في نفسه الحياة من جديد . أما إن سكنت فتمد ظلالها على الصمت ، تروي أشياء لا يسمعها أحد ، لكنه هــــــو وحده يحسها ويعيشها ، فينبض لها قلبه ، وتزيح عنه كل مخاوف وهواجس ، فينطق بما نقشت عاطفته في عقله من سطور ، حروفٌ يسكبها لمشاعر قد اعتلت في الصدور .
صوتها كالسحر ، يأخذ روحه إلى حدائق مزينة بأزاهير الفل والنرجس ، فالبوح عندها شيءٌ ثاني ، حروفها تعزف للعشق إلحانٍ ، ترافقها كلمات تشدو إغاني . هنا نفسه تتساءل : " أما زال الشرق شرقاً والغرب غرب ؟ أم أن الكون من إجلها في لحظة صمت ؟ " هنا نسجت خيوط المودة والعشرة والألفة بينهما ، هنا كان استعمار عاطفي واحتلال وجداني .
يتبع ..
| |
|
| |
سيوان قلم برونزي
عدد المساهمات : 183 الموقع : دمشق
| موضوع: رد: طيف ملاك .. الأربعاء يونيو 17, 2009 2:48 am | |
| تحليق جميل في سماء الطيوف والأرواح.
لكن طارق بظن إنك كتبتها على عجل لأنك لو رجعت قرأتها كنت اكتشفت بعض الأخطاء الإملائية بنفسك .
بالتوفيق | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: رد: طيف ملاك .. الأربعاء يونيو 17, 2009 2:57 am | |
| سيوان
هي مسودة أولى أحببت أن اضعها هنا طبعا سأعود لقراءاتها من جديد وتنقيحها والحذف والاضافة
شكرا على كلامك ومرروك | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: هو الحب كيف ما كان .. الأربعاء يونيو 17, 2009 3:00 am | |
| هو الحب كيف ما كان
كان صديقي ينتظر لقاءاته معها بلهفة وشوق دائمين ، حتى ولو كانت لدقائق معدومة ، فمعها لم تعد الدقائق تمثل له حدثاً عادياً . يقول صديقي : " عندما تتلاقى روحينا ، تتلون الحياة بلونٍ واحد ، بلونها هي فقط بعيداً عن كل ألوان قوس قزح وتمازجها ، فمعها لا أخاف من حدة الألوان ، لا يُخيفني أحمر الشفاه ، ولا أسود العينين ، ولا حتى زهري الخدود ، ففي تلك اللقاءات ليس هناك للألوان حدود ، فهي أمور كنت دائماً أتغاضى عنها ، ومن جديد لكلام القلب أعود " .
وحين تغيب عنه ، وتصبح كالأمس الذي لن يعود أبداً ، فإن غيابها عن عينيه يبقي لها ذاك السحر والفتون ، وحين يحل الظلام عليه كضيف أعتاده كل مساء ، يتعالى صوت حنينه يناجيها ، فيملأ عليه هدوء وسكون ليله . يقول صديقي : " بعد كل لقاء وحين أشعر بدنو نهايته ، وإنه حان وقت نهاية مجالسة روحي لروحها ، وحان موعد أن تترك روحي وحيدة ، أشعر بأنها تركت نفسي كسيد قبيلة بدائية تائهٌ في غابة الشوق ، فقد أصحبت عينيها هي موطني ، ومشاعرها هي حصانتي وحمايتي ، فأمتطي جواد الخيال ، مسرعاً في غابة شوقي تلك ، مجتازاً حواجز المعقول واللامعقول ، تابعاً درب قد استمد نوره من وجهها ، يطول بي الدرب كأن لا نهاية له ، فأريح خيالي لبرهة ، فغداً جولة أخرى .. " .
كان صديق يطلق العنان لروحه ويسمح لها أن تهرب من جسده ، وذلك رغبةً في أن يتحرى نوراً يأخذه في رحلة الحياة ، يقول صديقي : " كانت روحي في كل مرة تنظر خــــارج أسوار سجنها ــ أي جسدي ــ فتجد أشياءً لامعة ، وأشكالاً رائعة ، وأموراً ناصعة .. " . هل كان صديقي من وراء إطلاق العنان لروحه يبحثٌ عن السعادة بأي صورة معها ؟ أم هل كانت بالنسبة له إدمانٌ إعتياديٌّ يحيا به ؟ ولكنه ــ أي صديقي ــ كان يعلم أن للحب قوانينه الخاصة ، التي تفقده موضوعيته وتوازنــه . تتوق روحه لها من جديد ، فتتيه بعيداً عن جسده ويطلق لها العنان ، لتنثر أمام روحها وريقات نقش فيها كلمات ورسائل وقصص لــــم تكن يوماً إلا لها ، تلك الوريقات التي يصفها صديقي بقوله : " وريقاتي الصغيرة كانت تستمد منها البياض ، ويستمد قلبي منها حبره ، فاكتب باسترسال ، كأن وحيٌّ قد نزل عليّ من علوه ، وتحتل نفسي تلك الأحاسيس ، وتكون الطاقة التي تمدني بالحياة " .
وفي كل مساء يناظر صورتها ، فيجمع ملامحها من تلك الصورة ، وبما أن خياله قد أصبح له خير نديم ، والشوق له هو النعيم ، كان يرسم الخيال تلك الملامح في قدس أعماقه ، وحين يضع رأسه على تلك الوسادة التي أصبحت مألوفه له ، وتخضع عيونه لتلك الخيالات التي تتراءى حوله فيغمضها شوقاً لرؤية ذاك الملاك ، فتجيئه طيفاً تنحني لها كل ما حوله من خيالات ، كأميرةٍ وما حولها الوصيفات ، ويصف صديقي ما يراه بقوله : " كانت تلبس ألوان الفرح ، ينعكس نور عينيها على وجه السماء ، ترتدي الشمس مثل الحلي ، متألقة ، متلألأة كالبريق .. " فتلقي عليه السلام وتبتعد في الطريق . يرجو طيفها أن يرفق بهذا العاشق ، ويترك عنه ثوب الرحيل ، وقلبه يحدثه : " هي في قلبي النزيل ، هي الحقيقة والباقي هم المستحيل " .
عندها يكون فات الآوان وابتعد ذاك الطيف تاركاً خلفه ، همسات تنادي ، وانتظار أماني ، فتنقلبُ الحاءُ ألفاً ، ويتحول الحلم إلى الألم ، ليضع أحلامه وأمنياته وأحاسيسه في زجاجة صغيرة ، ويرميها بين أحضان البحر فلربما تصلها يوماً ما ، ويبدأ يتساءل : " كم بقي من ليلي كي أحلم بها من جديد ؟ " . | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: نهاية وبداية .. السبت يونيو 20, 2009 2:05 am | |
| نهاية وبدايةمازالت الشمس عند كل مساء تُلملم جدايلها عن الهضاب والتلال والسهول ، معلنةً نهاية نهار بما فيه من حركة وأنفاس متلاحقة ، ليتسلل الليل بهدوءه وسكينته ، وتتلألأ السماء بأنجمها ، ويشع نور القمر ليثلج تلك الصدور المثقلة بهموم الحياة ، معلناً لهم بداية وقت الراحة ، وإن كانت ليس راحة أبدية . وصديقي مثل غيره من هؤلاء ممن أثقلت عليهم الحياة بهمومها ومشاغلها ، ينتظر الليل بفارغ الصبر ، ليريح عن ثاقليه ذاك الحمل الذي لازمه طوال النهار ولو لعدة سويعات ، يعود من بعدها لمرافقته من جديد عند بزوغ كل نهار .
فحين تغرب الشمس ، وتتغير زرقة الحياة إلى لون قاتم ، وتسود الحياة شيء من الهدوء والسكينة ، ينتظر كما هي عادته دوماً ، إشعاع طيف من يحب ، لتعود له حركة مشاعره وإحاسيسه ، بمد يتسم بالدفء والحنان ، أو جزر يأخذ الروح إلى الأحلام .
نعم لم يعد يتبقى لـه إلا الأحلام ، حين يراوده طيف من أسر روحه قبل قلبه ، ليعيش تلك اللحظات الجميلة التي لن تتكرر أبداً . فهو محظوظ في نظري ، فكثيرون لم تعد تراودهم تلك الأحلام ، وكثيرون ممنوعة حتى عليهم .
لقد أزال تلك اللوحة التي تحمل تلك العبارة المشهورة لـ ديكارت (أنا أفكر إذن أنا موجود) ، وعلق بدلاً منها لوحــــــة كتبها بخط يده تقول : (أنا أحلم إذن أنا موجود) ..!النهايـــــــــــــة | |
|
| |
سيوان قلم برونزي
عدد المساهمات : 183 الموقع : دمشق
| موضوع: رد: طيف ملاك .. الأحد يونيو 21, 2009 9:02 am | |
| وهل تركت لي سوى ليل أريح روحي على وسادة أطيافك التي تسري في طياته . أقضي ساعات نهاري بين انتظار ورجاء أن تمر بي كحلم أدعو الله أنا لا أذكره . صوتٌ سكن للحظةٍ سمعي فتملكتني أنوار ترافق أحلك الليالي الوحيدة . هامت روحي فيها تأمل عناق روحك التي لا تدري كم مرةٍ تمنيت أن تتركني روحي لتسكنني.
كلام جميل طارق . عاشق تكفيه تخيلات لطيف محبوبته .
سلامي | |
|
| |
طارق هاشم مراقب عام
عدد المساهمات : 132 الموقع : الاردن المزاج : هادئ
| موضوع: رد: طيف ملاك .. الأحد يونيو 21, 2009 11:19 pm | |
| سيوان
إضافة أكملت ما شاب حروفي وكلماتي من نقص .. كأن ما أضفته قطعة من لوحة كانت ناقصة .. لتتم اللوحة بشكل كامل ..
شكراً على مرورك وشكراً جزيلاً على الاضافة ..
لك ودي واحترامي | |
|
| |
سيوان قلم برونزي
عدد المساهمات : 183 الموقع : دمشق
| موضوع: رد: طيف ملاك .. الإثنين يونيو 22, 2009 5:17 am | |
| 'طارق : ما قصدت أضيف لكن حبيت أعلق على كتاباتك بأسلوبك المعتاد. " طيف ملاك" كاملة وليست بحاجة لتكملها.
سلامي | |
|
| |
| طيف ملاك .. | |
|